قصص حقيقية .. جبر الخاطر

الإنسان العصبي لا يمكن للآخرين أن يتحملوا مزاجه وشخصيته المتقلبة، فليس ذنباً عليهم أن يغضب لسببٍ ما ثم يؤذيهم بكلمات جارحة وبعدها يعتذر وكأن شيئاً لم يكن، قد يلتمسون له العذر ولكن ليس كثيراً، سيأتي عليه يوماً ويجدهم لا يحتملون ما كانوا يتحملونه في الماضي، فقد صار الأمر لا يُحتمل، ومن ناحية أخرى لماذا لا يهذب من نفسك، ويتلفظ بالكلمات الجميلة الهادئة، فإن الكلمة الطيبة صدقة، وهي جبر الخاطر للناس، تلك الكلمة التي تجعل الجميع يتعاطف معه ويحبونه ويقفون بجانبه.

قصص حقيقية جبر الخاطر

قصص حقيقية .. جبر الخاطر

الطبيب :

 أنه طبيب يعمل في أحد المستشفيات الكبرى، وكعادته عند عودته إلى المنزل في سيارته، ينتظر كثيراً في زحام السير، إلا أن وهو في أثناء انتظاره، جاءه اتصاله على هاتفه المحمول، من صديق له، يتصل به ليطمئن عليه وعلى أخباره ويسأله أين هو، وعندما يخبره أنه في ذلك المكان المزدحم بالسير، يرد عليه ويقول أن أم زوجته ترقد في المستشفى القريب من ذلك المكان، ثم يرجوه أن يذهب لرؤيته ويطمئن عليها، فقط من أجل جبر الخاطر لهذه المرأة المريضة، ولكنه منهك ولا يمكنه العودة مرة أخرى إلى المستشفى، ولكنه وعده أن يفعل ذلك في الصباح الباكر.

المرور:

 وطال انتظار الطبيب في المرور، وحتى الآن لم يتحرك بسيارته، وفي أثناء الانتظار جاءته فكرة قد تردد قليلاً في تنفيذها، هل يستغل الوقت في فعل الخير، أو ينتظر قليلاً لعل الأمور تسير ويتحرك إلى منزله، خاصة بعد يوم عمل شاق وهو متعب ومجهد، ويمر الوقت ومازال هو ثابت في مكانه لا يتحرك إلى أن قرر أن يقوم بعمل فعل الخير أو ما سماه الجار، جبر الخاطر، لقد قرر العودة إلى المستشفى مادام أنه لن يصل إلى منزله إلا بعد وقت طويل، فالأولى له أن يستغل هذا الوقت في عمل شيء مفيد، وأن ينفذ ما وعد به صديقه على الهاتف منذ قليل، وبالفعل بدأ العودة إلى الطريق مرة أخرى، ليتجه إلى المستشفي.

المستشفى :

 دخل الطبيب إلى المستشفى وهو يسأل عن غرفة هذه المريضة، وذهب إليها ليتفحصها ويطمئن عليها، وبعد خروجه من حجرتها وقبل أن يتصل بجاره ليطمئنه على صحة المريضة شعر بشيء مؤلم في قلبه، وبسرعة قام باستدعاء أحد الممرضين وطلب منه وعلى الفور أن يحقنه بمحلول معين وقد أعطاه أسمه، وأندهش الممرض وقال له يجب أن يفحصك طبيب أولاً، ولكنه ل م يهتم لرأي الممرض وصرخ في وجهه وهو يقول نفذ ما أقوله لك وفوراً.

المريض :

الآن صار الطبيب مريضاً بعد أن فاجأته تلك النوبة القلبية، ولولا أنه شعر بها مبكراً في بداية تكوينها لكان الآن ميتاً في أرضه، لقد أسرع ذلك الطبيب بعمل اللازم لأنه يعلم هذه الأعراض ويعلم كيفية علاجها وبسرعة، وظل ممداً على السرير يرتاح ويحقن بالمحلول، وبعد أن تفحصه صديقه واطمأن عليه وتركه ليرتاح قليلا، عاد ليفكر في ذلك الجار ورغبته في جبر الخاطر لتلك المرأة، والتي لولاها لما كُتبت له الحياة مرة أخرى.

لولاها :

 سبح الطبيب في التفكير العميق وهو يُراجع الأحداث من بدايتها، لولا هذه المرأة المريضة وعودته إلى المستشفى لرؤيتها لما كان بين الأحياء الآن، أنه تدبير الله في خلقه، أراد للمرور أن يتعطل وأن يظل وقتاً أكثر في سيارته، حتى يمل منها، ويقرر عمل فعل الخير وجبر الخاطر كما طلبه منه جاره، وقد قدر الله له أن يعود إلى المستشفى لتأتيه الجلطة وهو في ذلك المكان الذي يمكن للمسعفين أن ينقذوه منها، أنه قضاء الله وقدره، تلك الحكمة التي لم يفهما إلا فيما بعد، ولكنه لن ينساها، وسيظل يعمل بها، لقد تعلم أن جبر الخاطر أفضل ما يقوم به الإنسان، وحتى وإن كانت هذه الفائدة في دعوة تخرج من القلب ليسمعها رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *