مظاهر الحياة في التسعينات

فترة التسعينيات:

أنها فترة لا يدرك جمالها إلا من عاصرها، وعاصر كل ما فيها من مشاعر حساسة رومانسية أكثر من أي وقت آخر، تلك الفترة لم يكن فيها التكنولوجيا الصارخة التي تواجهنا الآن، لم يكن هناك الهواتف المحمولة بجميع أنواعها الحديثة والمتطورة، وكذلك لم يكن هناك شبكة الإنترنت بكل ما فيها من تطور تكنولوجي مخيف، لم يكن فيها تلك القنوات كثيرة العدد التي لا يجد الإنسان وقتاً كافياً فى اليوم ليراها جميعها، لم يكن فيها كل هذا، حتى السفر لم يكن كما هو الآن، كان بالقطار أو حتى بالمركب، وأحياناً قليلة بالسيارة، أما الآن فكل شيء سريع وكأنه الزمن لا يود أن يظل معنا أكثر، اليوم يبدأ وينتهي في لحظة، دون أن يكون فيه الوقت الكافي للانتهاء من أعمالنا اليومية.

مظاهر الحياة في التسعينات

مظاهر الحياة في التسعينات

من يفضلها :

 ذلك الجيل الذي عاش في الفترتين، فترة التسعينيات بكل ما فيها من هدوء وجمال وروعة في كل شيء، وهذه الفترة التي لا يوجد فيها أي شيء يريح الإنسان الراحة الحقيقية التي يحتاجها، لذلك هناك من يفضلها عن وقتنا هذا، ولما لا وهي فترة كثيرة المشاعر الصادقة والرومانسية المطلوبة ونحتاجها أكثر في وقتنا هذا، حتى أنه السفر إلى القمر عبر الأغاني الدافئة ذات المعاني والكلمات التي تعشقها الأذن وتتمسك بها، كل شيء في هذا الوقت كان يتم بهدوء واستمتاع وحب وروية دون استعجال أو تدخل تكنولوجي يفسد جماله.

التلفزيون :

عدد قنواته قليلة لم تتعد أصابع اليد الواحدة، ولكن كان له تأثير أكبر على الجميع وخاصةً الشباب، وكان عاملا أساسيا في اجتماع الأسرة حوله، ويمتاز بالكثير من الأعمال والبرامج والأفكار الهادفة فى جميع المجالات، حتى ذلك البرنامج الذي فّكر في أبناؤنا في الخارج، وهو يحاول أن يقرب المسافات بين الأبناء الذين لجأوا إلى السفر ليس فقط بحثاً عن الرزق، وإنما أحياناً يكون السبب في السفر هو السياحة والتمتع بمعالم العالم الخارجي، ذلك البرنامج هو حلقة الوصل بين الأبناء وعائلاتهم.

رسالة من أب :

في تلك الفترة كانت الرسائل هي وسيلة الاتصال بين الناس، لم يكن وجود الهواتف المحمولة أو الإنترنت أو البريد الإلكتروني له وجود حينها، حتى أن الأغاني كنا نسمعها من خلال شرائط التسجيل، والتي انقرضت في وقتنا هذا، عندما فكر الأب في أن يرسل رسالة إلى ولده الوحيد، الذي يعشقه فهو كل ما تمناه في حياته، ولكن أرسلها له عبر ذلك البرنامج ليكون لها طابع خاص، فإن الابن يعشق هذا البرنامج وكثيراً ما شاهده قبل سفره إلى الخارج.

أمنية :

يقول الوالد في رسالته التي أرسلها إلى البرنامج، أبعث إليكم برسالة من أب يبلغ من العمر 65 عام، له ولد وبنتان, والبنتان هنا معي في نفس المدينة، وكلتاهما متزوجة وتحيا حياة سعيدة مع زوجها وأحفادي، مشكلتي هي أبني الوحيد، بعد أن حصل على الشهادة النهائية قرر السفر للخارج، ومع أنني كنت معارضاً لهذه الفكرة في البداية إلا أنني وافقت بعد أن رأيت ذلك الشغف وحبه الشديد للسفر، ووافقت ورضيت أن أعيش بمفردي وحيداً بعيداً عنه حتى يكون سعيداً بتحقيق حلمة في السفر إلى الخارج، بعد أن أقسم لي أنه لن يغيب أكثر من عامين، ولكنه حتى الآن لم يعود، وتمر السنوات لتصل إلى 6 سنوات وأنا لم أراه وكل ما يربطني به خطاب أو مكالمة تليفونية، حاولت مراراً أن أقنعه بالعودة لوطنه وعائلته ولكنني فشلت في إقناعه ومازال يعيش في الخارج حتى الآن، وتسألت هل من واجبنا أن نربي أولادنا ونتحمل مصاعب الحياة من أجلهم لينتهي بنا الحال بالفراق، أعترف أن بناتي تبذل كل منهما آخر ما لهما من جهد حتى أرضي عنها، وأنا راضي عنهما، وأدعي لكل منهما بالسعادة والهناء، إلى أن جاء يوم وزارني أحد أصدقاء ولدي، وكان زميلاً له في الدراسة وأخيراً ومنذ عام فقط التحق بالعمل في نفس البلد التي سافر إليها ولدى، وجاء يطلب مني خطاب أرسله معه إلى أبني، وكذلك أخوته البنات، وأخبرني أن إجازته لن تستمر أكثر من يومين، لذلك سيمر عليّ عند عودته إلى عمله في الخارج لأعطيه الرسالة، وإن كان يفضل أن أسجل شريطاً بصوتي وأرسله معه إلى ولدي.

عشق الوطن :

وأخبرني أن ولدي لم ولن ينسانا فهو يعشق وطنه ويبكى كثيراً عندما يسمع أو يرى أي شيء يذكره بعائلته أو وطنه، وأخبرني أنه ينتظر ميعاد إذاعة برنامجه المفضل ليراه، فهو همزة الوصل بينه وبين وطنه، فكرت في أن أرسل إليه هذه الرسالة عن طريق برنامجكم وكلي أمل في الله أن يكون مشاهداً له ليعلم كم أنا أحبه وأموت شوقاً لرؤيته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *