قصص رومانسية .. فداكي الروح 

الزيارة

بعد يوم عمل شاق عدت إلى المنزل طلباً للراحة، وعندما دخلت سمعت أصوات بالداخل، ووجدت أمي تجلس مع جارتنا السابقة، التي تركت المنزل وعاشت في نزل آخر، واحتضنتني في اشتياق وقبلتني كثيراً، لقد تذكرتها فهي امرأة عظيمة تحب الخير للجميع، وكانت دائماً ما تنظر إلى عيني وهي تردد فداكي الروح،  وعندما أسألها ماذا تعني، تضحك دون إجابة.

 قصص رومانسية .. فداكي الروح

قصص رومانسية .. فداكي الروح

حفل زفاف :

 ظلت جارتنا وقتاً طويلاً معي تسألني عن أحوالي وأخباري وعملي وحياتي، ومازالت تلك الابتسامة تعلو وجهها، وكأنها تتحدي الزمن بأن يتجرأ ويرسم على وجهة لمحة حزن صغيرة، أعترف أني قضيت معها وقتاً رائعاً كله ضحك وسعادة، وبعد مغادرتها، تجرأت لأسأل والدتي عن سبب الزيارة، ضحكت والدتي وهي تخبرني أنها جاءت لتدعونا إلى حفل زفاف ابنتها.

الفتاة الصغيرة :

 تبسمت بداخلي وعدت بذاكرتي للماضي، إنها نفس الفتاة الصغيرة التي كانت ساعي البريد فيما بيننا، كانت تحمل تلك الرسائل ملتهبة المشاعر وبكلام الحب الجميل دون أن تدري، ليقرأها أخيها، ويريل الرد عليها بنفس الطريقة، دون أن تدري ذلك الملاك الصغير بأن بين طيات كراستها أجمل معاني في الدنيا، كانت فتاة صغيرة بريئة، تستحق فعلاً أن يُقال لها فداكي الروح.

الجامعة :

 كنا أنا وأخيها زملاء في الجامعة، ولن أنسى لحظة رؤيتها هناك، فأنا لم أعرف أنه بنفس الجامعة التي أدرس فيها، أنه بالنسبة لي فقط مجرد جار، فأنا لست مختلطة بالجيران، فكل ما أعرفه عنه أنه يعيش مع أخته الصغيرة بلقبها المشهور حينها فداكي الروح وأمه، وهو من يتولى مسئولية أسرته الصغيرة، لأنه شاب مكافح، يعمل ويدرس في ذات الوقت، تلك العائلة جديدة علينا، جاءت لتسكن المنزل المقابل لمنزلنا، وكان هو في أخر سنواته الدراسية، وكانت أولى سنواتي في الدراسة.

البداية :

 كانت بداية قصة ب جديدة لتضاف إلى قصص الحب الأخرى قصة جديدة، وأتخذ من أخته الصغيرة التي لم تتعدى العشر سنوات وسيلة لتوصيل كل الخطابات أثناء المذاكرة، فأنا أساعدها في بعض الدروس، إلى أن أنهى دراسته، وخرج إلى العالم الحقيقي ليعمل وكان يبذل مجهوداً مضاعف لنكون معاً، إلى أن بدأت القصة في النهاية، حيث جاء العريس إلى والدي ، والذي رحب به معللاً ذلك بأنه أفضل عريس تقدم حتى الآن، وكان الرفض هو الإجابة النهائية بالنسبة لي كالعادة.

الزواج :

 تلك الفترة كانت من أصعب فترات حياتي، أن أتخيل أن أكون زوجة لغيره، وأمام تصميم والدي على ذلك العريس جاء هو ليتقدم لوالدي ليتزوجني، ولكن والدي لم يوافق، وتحت ضغط كبير مني بمعاونة والدتي الحبيبة وافق والدي على الخطوبة فقط ظناً منه أنني لن أتحمل متاعب الحياة معه، وسنفترق بسرعة، ولكن هذا لم يحدث، فإن حبنا له القدرة على التحمل، تحمل كل شيء، مصاعب الحياة وقسوتها، حتى أنه حبيبي دائم العمل ولا يمكنه النوم، فقط يفعل كل ما في وسعه ليجمعنا منزل معاً ونعيش فيه حتى نهاية العمر.

العقبات :

 صحيح أن والدي وافق على الخطوبة، ولكنه في قراره نفسه كان يخطط للانفصال، وبدأ بطلب الكثير من الطلبات المرهقة، تلك العقبات التي كانت لها الأثر الكبير على تحقيق ما يريده، حتى أن حبيبي بدأ يقتنع أن وجوده معي يسبب لي الضرر أكثر، حتى أنه صارحني بفكرة الفراق، فأنا من وجهة نظره أستحق من هو أفضل منه، ولكني لم أوافق، وحاولت إقناعه أننا معاً وهذا يكفي، وأنني أحبه حتى أنني على استعداد أن أتزوجه ضد رغبة والدي، ولكنه عارض الفكرة وبشدة، وقال أنه عليه أن يحميني وليس العكس وهو يقول فداكي الروح التي بداخلي إذا كانت سبباً لسعادتك.

الزوج الآخر :

 ولم أستطيع مقاومة رغبة والدي في سرعة زواجي من الرجل الآخر، ولحسن حظي أنه كان رجلاً جيداً يعاملني بلطف ورقة وحب، ولكني لا أستطيع أن أبادله مشاعر الحب التي يكنها لي، وحاولت كثيراً، ولكني فشلت، وعدت لمنزل والدي مرة أخرى ولكن هذه المرة كأرملة، لقد مات زوجي وتركني وحيد، ولم يكتفي القدر بما حدث لي، بل زادت ضرباته لي، عندما عدت إلى منزل والدي، وتخبرني أمي أن جيراننا قد تركوا المنزل، بعد أن سافر أبنهم إلى الخارج، ومرت ثلاث سنوات، عاد بعدها وهو متزوج ولديه ابنة جميلة.

الصدمة :

 كنت أتمنى رؤيته في حفل زفاف أخته، ولكني لم أتخيل تلك الصدمة عند رؤيته مع ابنته يتحدث إليها ويناديها مثلما كان يناديني في الماضي وهو يقول فداكي الروح يا حبيبتي، لكني لم أرى زوجته معها، وسألته عنها وأخبرني أنها توفاها الله أثناء الولادة، وسألني عن أحوالي وأخبرته بموت زوجي، ولم يتفوه بكلمة، وشعرت بأنه قد نسيني ونسى حبي له، وعدت إلى المنزل والحيرة تأكلني ولا أدري لماذا كان بارداً معي، ولكن لم تدم هذه الحيرة طويلاً، ففي اليوم التالي سمعت صوت جارتي مرة أخرى، وعندما توجهت لرؤيتها لم تكن بمفردها أنها مع حبيبي، جاء اليوم ليتزوجني، ونعيش معاً حلماً قد تأخر كثيراً ليتحقق، ولكن ليس مهماً، الأهم أنه أخيراً أصبح واقعا حقيقيا نعيشه ونشعر به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *