امرؤ القيس أشعر الشعراء… قائدهم إلى النار

امرؤ القيس لقبه,  ومعناه الرجل الشديد, أما اسمه, فهو حندج بن حجر بن الحارث الكندي, شاعر عربي فحل… ولد بنجد, وذاع صيته بين الناس بمعلقته, التي جاء بمطلعها:

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل          بسقط اللوى بين الدخول فحومل

له ديوان زاخر بالقصائد المغناة, التي تدل على فحولته, وصليقة شعره, وقد جمعت فيها النتف والقصائد الطوال, والأبيات القليلة.

يعرف في الكتب بالملك الضليل, وذي القروح, كان والده حجر بن الحارث الكندي, ملك مملكة كندة. وخاله هو المهلهل بن ربيعة, مقصد القصيد. كان أصغر إخوته. تعلم الفروسية, وسائر وسائل الشجاعة, والنجدة, كما يليق بابن ملك. وكان كثير التردد على أخواله, فتعلم الشعر من المهلهل بن ربيعة.

قال الشعر شابا, وأكثر من التغزل بفتيات بني أسد, حتى أغضب والده, فزجره عن قول الشعر, لكنه لم ينته, وواصل قول الشعر, مما أدى إلى خروجه من كنف والده ورعايته.

كان كثير المجون, واللهو, والطرب, والترف, كشأن سائر الملوك. كانت ديانته الوثنية, كما كان شأن العرب آنذاك. لكنه لم يكن مخلصا لها.

نبئ بخبر وفاة والده, على يد بني أسد, وهو في لهوه ومجونه. فقال:” ضيعني صغيرا وحملني دمه كبيرا, لا صحو اليوم, و لا سكر غدا, اليوم خمر, وغدا أمر.”  ورغم أنه الأصغر بين إخوته, إلا أنه كان الوحيد الذي لم يجزع بخبر وفاته. لذا حمل على نفسه الأخذ بالثار من من  اغتل والده.

فلما أصبح الصباح, لبس بدلة حربه, وانطلق لأخذ الثأر من قاتل أبيه, فأغار على بني أسد, وأثخن فيهم القتل و الجراح, وقتل منهم الكثير…  وبقي على حاله حتى قتل قاتل والده وانتصر له.

ما عاش امرؤ القيس حياة طويلة. لكنها كانت زاخرة بإبداعه للشعر ومآثره. طاف بمعظم بلدان العرب. وخرج حتى من بلاد العرب. واستمر في ثأره وانتصاراته حتى أصيب بمرض الجدري بعينه, فلقي حتفه بأنقرة, ومات ودفن في بلاد الغربة.

والدلائل المادية التي تدل على وجوده, مثلها مثل باقي دلائل الشعراء الجاهليين, تكاد تكون منعدمة. لأن الناس في ذاك الزمان اعتمدوا على المشافهة, فكانوا يرتحلون ويسردون القصص و الأخبار والشعر والمآثر, شفاهة. ولم يعرفوا التدوين حتى جاء الإسلام, فدونوا بعضا من مآثرهم الخالدة.  وكان ابن السائب الكلبي أول من أشار إلى امرئ القيس من العرب الإخباريين.

سمي بأشعر الشعراء, لأنه كان أول من رحل في شعره, واسترحل, وبكى واستبكى, وخاطب الربع والرفيق, ووصف الرحلة والمطية والهاديات والصيد, وشبب وتغزل بالنساء فحشا… واختلف في ما إن كان هو أشعر الشعراء, أم لا. فمن قائل بأنه أشعرهم, ومن قائل بأنه النابغة الذبياني, ومنهم من يفضل زهير بن أبي سلمى… تباينت الآراء واختلفت,  لكن الأشهر, هو أنه امرؤ القيس, لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” هو قائد الشعراء وصاحب لوائهم”. أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

فمعلقته تعتبر من عيون الشعر العربي, بل نسج الشعراء من بعده أشعارهم على غرارها ومنواله,ا وأضحت معلقته النموذج, والقصيدة النموذجية لكافة الشعراء من بعده. فهو سن لهم ما لجأ لوصفه, وذكره في شعره, من تغزل ووصف ورحلة… لذا كان قائد الشعراء إلى النار. لأنه حينما تغزل بالنساء بفحش, وأعطى تلك الأوصاف الجسدية لأكثر من امرأة في القصيدة الواحدة, سن بذلك للشعراء من بعده المضي فيما بدأه هو.” والشعراء يتبعهم الغاوون”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *