تعريف التسامح

كل فرد يعيش في المجتمع يعتبر جزء لا يتجزأ منه ولا بد وحتمًا أن يتعامل الشخص بصورة إيجابية مع باقي المجتمع، وشئنا أم أبينا يجب أن نختلط بالكثير من الناس كل يوم، وحري بنا أن نقوم بتعريف مفهوم التسامح وتعريف التسامح، ومما لا شك فيه بأننا نعيش ضمن مجتمع به العديد من العلاقات الاجتماعية المختلفة، والتي تتطلب منا أن نتحلى بالأخلاق الحسنة والحميدة التي تمكننا من التعامل مع الناس بالطرق السليمة والصحيحة، والتي تعطينا روح وحلاوة رائعة من خلالها يمكن أن نستمر في العيش في هذه الدنيا دون ملل، والتسامح هو إحدى تلك الأخلاق التي يجب أن نتحلى بها وهي من ضمن الأخلاق الرفيعة، فما هو التسامح إذًا؟.

تعريف التسامح:

يعرف التسامح اصطلاحًا بأنه القدرة على العفو عن الناس، وعدم رد السوء بالسوء، والتحلي بالأخلاق الحسنة التي دعت إليها الديانات السماوية والأنبياء والرسل، وهذا بالطبع يعود على المجتمعات بالخير والسعادة وتحقيق الأمن والاستقرار من خلال تحقيق الوحدة والتضامن والتماسك، والبعد عن الأمور التي تفسد المجتمعات من خلافات وصراعات وحروب، ويجب احترام الثقافات والعقائد وقيم الآخرين فيما يرضي الله، حتى يتحقق العدل في المجتمع.

مفهوم التسامح: التسامح مبدأ إنساني يرتقي به الشخص وهو نسيان الأحداث المؤلمة الماضية من شخص ما أو عدة أشخاص، والتي كانت سببًا للألم والأذى بكامل إرادته، وكذلك يتخلى عن فكرة الانتقام من الغير، والتفكير بالأمور الإيجابية الحسنة لدى الناس وعدم الحكم عليهم وإدانتهم وعدم سوء الظن بهم، والعلم بأن كل البشر خطائون، وهو الإحساس بالعطف والحنان والرحمة.

تعريف التسامح: توضح لنا الآية الكريمة تعريف ومفهوم التسامح، قال الله تعالى (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، ونحب أن ننوه على أمر هام هو أن التسامح مقيد بما قيده التشريع الإسلامي، فمثلاً لا يسري التسامح على العقوبات التي حددها الشرع مثل تطبيق الحدود كالسارق والزاني مثلاً، ولكن ما أباحه الشرع يجب أن نفعله، وكانت سنة النبي صلى الله عليه وسلم العفو والتسامح وكان لا يغضب إلا لله ولا كان ينتقم لنفسه أبدًا ولكن غضبه حينما تنتهك حرمات الله.

التسامح بين الدول يجب أن يكون مقيدًا بالكتاب والسنة، أي: التسامح فيما أباحه الدين الإسلامي، والواجب على كل ولاة الأمور  والحكام في الدول العربية والإسلامية التناصح وتبادل المنفعة لصالح الأمة الإسلامية، وأن يحكموا بشريعة الله بين عباد الله، وأن يتعاونوا على البر والتقوى ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان، وأن لا يتساهلوا فيما شرعه الله، ولا يحكموا بأحكام البشر الوضعية بل يجب عليهم أن يحكموا شرع الله، وأن ينقادوا لشرع الله في الكتاب والسنة، وأن يلزموا شعوبهم بشرع الله في جميع أمور الحياة ، وهذا هو طريق إلى النصر المبين وطريق العزة والنجاة، وطريق جمع الكلمة، أما التسامح فيما سوى ذلك من الأمور الأخرى كالتسامح في الديون التي على بعضهم للبعض، أو مساعدة بعضهم لبعض في المحن والشدائد، أو ما شابه من الأمور التي يجيزها الشرع فلا بأس.

أهمية التسامح:

من تسامح وعفا لوجه الله أو ابتغاء مرضات الله فله الخير الكثير في الدنيا والثواب الكبير عند الله يوم القيامة، بل ربما يكون في أعلى الدرجات لأن صاحب الخلق الحسن يكون بنفس درجة الصائم والقائم، ولا شك أن التسامح أحد صفات حسن الخلق بل من أهمها في المعاملة بين الناس، لذلك يجب أن نحضر النية الصالحة عند التسامح والعفو ولا ينبغي أن يكون التسامح من أجل مصلحة دنيوية أو من أجل أي سبب آخر غير ابتغاء مرضات الله، فطالما التسامح لله فيكون بذلك طريق التسامح الصحيح المستنير.

يؤدي التسامح إلى تخلص الشخص من أخطائه التي قام بها وشعوره بالذنب والإحراج، وذلك عندما يسامح نفسه ويصحح أخطائه، ويرفع من رقي الشخص ويرتقي بنفسه الذي يبادل الإساءة بالتسامح، وتجعل الإنسان مليء بالخير، ويمتلك نفسية سويّة مستقيمة، بعيدة عن  الكراهية والحقد والأمراض القلبية، يجنب التسامح حدوث المشاكل بين الأقارب أو لأصدقاء والمحبين بسبب سوء ظنهم ببعضهم البعض ويعمل على مصلحة صلة الرحم ويؤدي إلى التماس الأعذار لهم، وسينال الشخص المتسامح الثواب من الله تعالى، وسيعفو عنه بالمقابل.

يحقق القدرة على العيش والتعايش والتعامل بين الأفراد والشعوب، من خلال المحافظة على الحقوق المتعلقة بالغير وتقبل الاختلاف بشتى مجالاته حتى لو كان الشخص المراد العفو عنه غير مسلم ولكن في حدود تطبيق الشرع، ويجنب التسامح العنف والصراع ومشاعر الكره والحقد والعنصرية، ويتم تحقيق المصلحة العامة كأولوية بجانب المحافظة على مصالح الأفراد، من خلال عدم التعدي عليها والسماح لها بالطرق القانونية والسليمة المقيد بها، أيضًا يرفع من قيمة العلم والثقافة والحوارات الفعالة والبناءة بين الأفراد، حيث يجعل الأشخاص يهتمون بالأساليب وبتحقيق مراتب عليا من التثقيف والتعليم حتى يصل لأهدافه بالطرق الصحيحة، دون التعدي على حقوق الغير.

التسامح هو التجاوز والعفو عن أخطاء الآخرين ومقابلة السيئة بالحسنة والعفو وحب الخير للناس، ويجب تطابق وتشابه الأقوال والأفعال في التسامح لتحقيق المعنى السليم له، فربما ينطق الشخص بالتسامح بأقواله ولكن أفعاله تكون خلاف ذلك، وقلبه يكون ممتلئًا بالحقد والكراهية للشخص المسيء، وهذا بعيد كل البعد عن مفهوم التسامح لأن التسامح يجب أن يكون من القلب الصافي قبل القول ويظهر ذلك من الأفعال، ففي العادة عندما يواجه الشخص الإساءة من شخص آخر فإن الانتقام ورد السيئة بالسيئة بنفس الطريقة هو أوّل ما يفكر فيه، لذلك يُعتبر التسامح من الصفات التي تحتاج إلى قلب صادق.

التَّسامح من الخِصال الجميلة، ومن صفات الأنبياء والرسل عبر التَّاريخ وعلى رأس هؤلاء النَّبي محمَّد صلى الله عليه وسلم الذي سامح وعفا عن كفار قريش عندما دخل مكة فاتحًا إياها، على جميع ما فعلوه به وبأصحابه من الكثير من العذاب والإساءة اللفظية والجسدية، فقال: اذهبوا فأنتم الطُّلقاء، فبذلك يكون النبي صلى الله عليه وسلم والدين مثل أعلى في التسامح والعفو وجميع الأخلاق الحميدة والحسنة على مر العصور القديمة والحديثة.

ويؤلمني كثيرًا أن كثير من الشباب في تلك الأيام عندما يغتروا بأخلاق الكفار الذين على غير ملة الإسلام، وفي الحقيقة أن هؤلاء  لا يفعلون ذلك ابتغاء مرضات الله أصلاً، ولكن لننظر مثلاً على أخلاقهم الجميلة كما يقول البعض مع الناس، ونقارن ذلك بأخلاقهم مع الله! نعم نريد أن نعقد مقارنة فستجد أن أخلاقهم مع الله سيئة للغاية فهم يعبدون غيره ويجعلون لله ولد ويجعلوا لله شركاء ويجعلوا ملائكة الرحمن إناثًا، فهل هذه أخلاق حميدة وحسنة؟ وليس معنى ذلك أن نعاملهم نحن البشر معاملة سيئة ولكن حثنا الدين الإسلامي على معاملة غير المسلمين معاملة طيبة بل يُباح التعامل معهم في التجارة وأمور البيع والشراء.

من يستطيع التسامح يكون رجلاً بمعنى الكلمة، فعندما تمسك نفسك عند الغضب وتعفوا تكون رجلاً شديدًا يحبه الله ورسوله، فكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب” والصرعة هي قوة وغلبة الرجال وهي خاصة بالرجال الأقوياء الشداد، ففي الحقيقة ليست القوة في هذا الأمر بل القوة في كظم الغيظ عند الغضب، أي الذي كظم غيظه عندما يكون غضبه شديد  وقاوم نفسه وأمسكها ومنعها وغلب عليها، فحول المعنى وقتها من القوة الظّاهرة إلى الباطنة.

 

تعريف التسامحمفهوم التسامح
التعليقات (0)
اضف تعليق