كيف تعلم ان الله يقبل توبتي

كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، وليس منّا معصوم إلا الأنبياء والمرسلين، ولولا سعة رحمة الله لامتلأت صحائف أنفسنا بالذنوب وكبّتْنا على وجوهنا في النار والعياذ بالله، لكنّه سبحانه أتاح لنا فرصة عظيمة لمحو الذنوب كلها، ألا وهي التوبة الصادقة من خلالها يمكنُ الرجوع عن الذنب وغفرانه مهما كان كبير وعظيم، بل ويفرح المولى جل وعز بتوبة عبده كما في الحديث الصحيح، ولولا التوبةُ لَيَئس الإنسان من كثرةِ ذنوبه وكانت مشكلة عظيمة، وربّما وأكثرَ من المعاصي لأنّه يعلم ألّا فائدة مِن تركها. إلا أنّ التوبة لها شروطٌ يجب من توفّرها لتكون مقبولة عند الله جل وعز.

إنّ القيام بالخطايا والكبائر من طبيعة ابن آدم، ولا يوجد إنسان معصوم عن الوقوع بالخطأ مهما صغر، ولذلك فإنّ الله تعالى يغفر هذه الذنوب ويقبل التوبة في أي وقت، فباب التوبة مفتوح بشكل دائم إلى أن تطلع الشمس من مغربها، فالتوبة هي التوجّه إلى الله تعالى بذل وخضوع وحاجة ورجاء في مغفرة الذنوب، والطلب بأن يغفر لنا ذنوبنا التي اقترفناها ويجنبنا العقاب والغضب، ويجب على التائب أن يكون موقن بمدى سوء ذنبه ونادمًا عليه.

من المسلم به أنّ رحمة الله وسعت كل شيء وبابَ التوبة مفتوح مهما عظم ذنبنا وإن كان مثل زبد البحر، ولا يعني هذا الأمر أن نُرخي زمامَ المعاصي لأنفسنا وأن نتجرأ على الله بالذنوب والمعاصي عافانا الله وآياكم، فالبعض يقول: أفعل المعصية ثمّ تب منها طالما أنّ الله يقبل التوبة ويغفر الذنب، حيثُ لا يضمنُ أحدُنا البقاء على قيدِ الحياة بعد هذه المعصية ليتوب منها، ويجب من الحذر والحرص على إرضاء الله جل وعز والقرب منه، لا أن نتمادى في ارتكابِ الآثام التي تزيد البعدَ والضلال.

شروط قبول التوبة:

أن يخلصَ العبدُ في توبتِه لله فيكون الدافع لها لله وليس لأي مصلحة دنيوية، ويبتغي العبد بها رضا الله ويبتغي وجه الله وثوابه ويخاف من عقابِه، لا أن يتوبَ من أجل مصلحة ما أو غرض دنيويّ يريده في نفسه، وأن يعترفَ بذنبه لا يمكنُ أن تكونَ التوبة صحيحة من خارج عن معصية الله، إنّما على العبدِ أن يُقِرَّ أنّه أذنب في جنب الله، وأن يندم على ذنبِه الذي اقترفه ويتمنّى لو أنّه لم يفعلْه، حيث إذا لا يمكن أن تُقبَل توبة العبد من شخص يتباهى بذنبِه ويحدّثُ به الناس.

أن يبدأ فورًا بالإقلاع عن الذنب الذي تاب منه وتوقف عنه، فلا تصحُّ التوبة مع الإقامة على المعصية والاستمرار على فعلها، وأن يعزم تمام العزم على عدم العودة إلى ذنبه مرة أخرى وهذه نقطة حسّاسة ويجبُ الحذر منها جيدًا، فإن ترك العبد الذنب اليوم وينوي الرجوع إليه في المستقبل أو في أي زمنٍ كان فلْيعلم أنّ توبته ناقصة عند الله جل وعز ويجب مراجعة نفسه مرة أخرى، لذا يجب أن تكون نيّته في توبته ألّا يرجع إلى المعصية بتاتًا، فإنّ حدث يوم وعاد إلي مرة أخرى، ولم يكن قد نوى ذلك قبل توبته، فإنّ توبته صحيحة بفضل من الله إلا أنّه يجب أن يتوبَ منها توبة جديدة.

أن يردّ الحقوق الضائعة إلى أصحابها التي أخذها ظلمًا، إن كانت توبته من ذنب فعله وظلم مع عبد من عباد الله مثله وكان لهذا العبدُ حقاً عليه، فيجب أن يعيد هذا الحق، إلا في حالة سامحه ذلك الشخص وتنازل عن حقّه فبها ونعمت، وإن لم يسامحه ذلك المظلوم ولم يُعِد له حقّه، فإن توبته معلقة حتى يرجع الحقوق إلى أصحابها، وأن تكون توبته في الوقت الذي يجيزه الشرع فهي مقبول طالما هو على قيد الحياة ولم يمت، إلا إذا غرغرَ عند أجَلِه ويرى ملك الموت فإنّ توبته غيرُ صحيحة وغير مقبولة وقتها، كذلك إذا أشرقت الشمس من مغربها وذلك يوم القيامة عند قيام الناس لرب العالمين، فإنّ التوبة حينها تكون غير مقبولة أيضًا.

علامات قبول التوبة:

يعلم المسلم بأن توبته قد قبلت من قبل الله جل في علاه بعد أن تظهر عليه بعض العلامات التي تدل على قبول التوبة، ومنها: الشعور بالتغيير وبتحسين السلوك بعد التوبة والسير على السلوك القويم، وعدم الرغبة بالعودة إلى الذنوب مرة أخرى وصلاح الحال، أيضًا الخوف الشديد من العودة إلى الذنوب والمعاصي، والإحساس الدائم بالخوف أن يغضب الله من العبد التائب، وأن يشعر بعظمة الذنب الذي اقترفه والشعور بالحزن على فعل ما تم في الماضي، والشعور بالخشوع أمام الله تعالى والتواضع له، والتذلل أمامه وعدم الرضى عن ما سلف من النفس والتوسل إلى الله بالمغفرة والستر والدعاء الدائم والحرص المستمر على فعل الخير وسد العجز في ما فات بالذكر والصلاة.

الدعاء إلى الله أيضًا دائمًا من العبادات الصالحة التي تعد من علامات قبول التوبة خاصة إذا استمر العبد في صلة مع ربه يدعوا ألا يعود مرة أخرى على الحال السابق وأن ستغيث بالله بأنه يثبته على الطريق المستقيم، بالدعاء هو العبادة كما جاء في الحديث الشريف، خاصة في الأوقات الفاضلة مثل جوف الليل وبين الأذان والإقامة وفي سجود والكثير من الأوقات الفاضلة المباركة الأخرى.

يجب على الإنسان أن يدركً بأنه يمكن أن يلجأ إلى الله ليتوب عن ذنوبه في أي وقت دون الحاجة لوسيط ما، فلا تقبل التوبة إذا تبرك الشخص بأحد الصالحين وتوسل إليه ليكون واسطة بينه وبين الله! فهذا وقوع في شرك بالله كمن يفعلون تلك الأفاعيل عند القبور والتمسح بها، أيضًا لا تقبل التوبة بعد طلوع الشمس من مغربها، وهنا سيندم الإنسان ويدرك مدى الخطأ يوم لا ينفع الندم ويقابل ربه في حسرة وندم والعياذ بالله، ولن ينال سوى ما يستحقه من عذاب الآخرة وسخط من الله جل في علاه.

الإنسان يجب على الدوام أن يقوم بمحاسبة نفسه أولاً بأول حتّى  لا يغرق في المعاصي والذنوب، وأن يسيطر على نفسه ولا يجعل شريك لنفسه سوء من خلال تأديبها وإرغامها على العبادات التي تقيها من الوقوع بقسوة القلب، والابتعاد التام عن صحبة السوء والبحث عن الأصحاب الصالحين الذين سيشجّعون على فعل الخير وعلى البذل والعطاء والاهتمام التوبة، أيضًا الإكثار من الاستغفار وقراءة القرآن وذكر الله والتي ستقي النفس من الوقوع بالخطأ والمعصية، والتحلي بالصبر والثقة بأن الله تعالى سيمدّ العبد بالخير وصلاح الحال طالما هو عازم على التوبة الصادقة.

الكلمات المفتاحية:
كيف اعرف ان ربي تقبل توبتي,كيف اعرف ان توبتي مقبولة,كيف تعلم ان الله يقبل توبتي,كيف اعرف ان توبتي قبلت,كيف اعرف ان توبتي صادقه,كيف اعرف ان توبتي نصوح,كيف اعلم ان توبتي قبلت

كيف تعلم ان الله يقبل توبتي
التعليقات (0)
اضف تعليق