من قال أنا الدولة والدولة أنا ؟

تعتبر مقولة (أنا الدولة والدولة أنا) من أشهر ما قيل في عالم السياسة ، وهي المقولة التي أطلقها لويس الرابع عشر, الذي حكم فرنسا حوالي نصف قرن في الفترة ما بين عام (1643م-1715م) .

نبذة عن نشأة لويس الرابع عشر :

ولد لويس الرابع عشر في ( شاتوه دو سان جيرمان ) في باريس ،خلف لويس الرابع عشر والده لويس الثالث عشر في حكم البلاد، حيث توفى والده وهو في عمر الخامسة فتولت والدته الملكة آن النمساوية والكاردينال مازارين الوصاية عليه .

من قال أنا الدولة والدولة أنا ؟

من قال أنا الدولة والدولة أنا ؟

تولى لويس الرابع عشر السلطة فعليا عام 1642م, ولكنه انتظر حتى وفاة مازارين حتى تولى سلطه بلاده رسميا عام 1661م، وكان عمره حينها 23 عاما .
حكم الملك لويس الرابع عشر والملقب بملك الشمس البلاد حكما مطلقا، فقام بالسيطرة على جميع إقطاعيات البلاد ونبلائها وأمرائها وأصحاب النفوذ في البلاد .
لم يكتفي لويس الرابع عشر بذلك فقام بفرض سيطرته السياسية والعمل على الحد من النفوذ السياسي لطبقة النبلاء وكذلك العسكري .

وامتد هذا الاستبداد إلى نواحي أخرى فعلى سبيل المثال امتد إلى الدين أيضا, فألغى مرسوم نانت عام 1685م، وهو الأمر الذي أثر سلبا على الحياة الاقتصادية للبلاد .
أما على الصعيد الخارجي فقد خاض لويس الرابع عشر عدة حروب منها, حربه مع اسبانيا عام 1667م والتي كانت أول حروبه، والحرب الهولندية عام 1668م، وغيرها من الحروب التى جعلته أقوى حاكم في أوروبا حتى وفاته .
أدت تلك الحروب التي خاضها لويس الرابع عشر إلى تدهور أحوال بلاده الاقتصادية والاجتماعية, ناهيك عن حالة الترف والبذخ التي كانت هي سمات عصر لويس الرابع عشر .

من سمات هذا البذخ بنائه لقصر فرساي وكان قصرا ضخما ليوفر له الراحة, فقد كان طموح هذا الملك جعل فرنسا أقوى دولة في العالم ،وقد أعتقد أن حياة الترف والبذخ والاستعباد ستؤمن له ذلك، مما جعله يُكون بلاط في غاية العظمة والفخامة, وقد كان ذلك .
ومن مظاهر البذخ والأبهة أيضا أقامته للحفلات الكبيرة والإسراف عليها, وكان يدعو لها كبار النبلاء الذين آخذو ينفقوا أموالهم على الملذات حتى باعوا أملاكهم.

ووصل الأمر بلويس الرابع عشر وهو الأمر الذي يعكس الترف الذي وصل إليه أنه إذا أرد أن يرتدي ملابسه يقوم أحدهم بمناولته القميص , وإذا أرد ارتداء أحد جواربه يلبسه له أحدهم وغيره يلبسه الحذاء .
و قد أصيب لويس الرابع عشر بنوع من جنون العظمة, وذلك بسبب فخامة ملابسه وجيوشه التي لا تقهر .

وقد كان حريص على إظهار هذا البذخ والترف وجنون العظمة إلى حاشيته وخدمه حتى في الأمور الخاصة جدا.

أما عن مقولة أنا الدولة والدولة أنا:

لقد تجاهل الفرنسيين الكثير من أفعال لويس الرابع عشر, وأغمضوا أعينهم عن قبضته الحديدية التي حكم بها البلاد دون برلمان أو وزارة شكلية تنفذ قراراته لتعزيز نفوذه واستحكاماته على الدولة .

وصمت الفرنسيين أيضا عن علاقته النسائية, وكذلك زيجاته الكثيرة والمتعددة, وتجاهله لشريعتهم الرسمية وتقاليد ملكوهم الموروثة. فما كان من الفرنسيين إلا المطالبة بدولة عصرية على غرار الدولة البريطانية, فقال بذلك مقولته المشهورة ( أنا الدولة والدولة أنا ).

فهي مقولة تعبر بالطبع عن جبروت الحاكم وسيطرته المطلقة, فمن يعترض الحاكم في قراراته يعتبر خائن للدولة, لذلك كان لويس الرابع عشر حاكم مستبد لعدم وجود برلمان يحاسبه أو يعترض على قراراته.

فقد كان يرى في نفسه الحاكم المطلق الخالي من الأخطاء وأن ما يقوله هو الأمر الصواب الذي يجب اتباعه, وبذلك أعتبر نفسه كملك خط لا يجب المساس به لا من قريب ولا من بعيد .
ولأن هذه المقولة فيها الكثير من التعنت والعظمة وأنه يرى في نفسه الأصلح والأخير في أحدا غيره, فقد أدت في النهاية إلى إهمال شئون البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأمر الذي مهد إلى قيام الثورة الفرنسية في نهاية فترة حكمه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *