الصلاة.. الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي عماد الدين الذي يفرّق بين المسلمين وغير المسلمين، لقول رسول الله “صلى الله عليه وسلم”: “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، من تركها فقد كفر”، وقد فرضها الله على كل مسلم، بالغ، عاقل، من ذكر أو أنثى.
أهمية الصلاة
الصلاة هي أهم شعيرة من شعائر الإسلام، ولا عذر لمسلم في تركها أو الغفلة عن أدائها، فالمريض قد يُعفَى من الصيام، والمسافر يرخص له بالفطر والقضاء، وشعيرة الحج للقادر ممن استطاع إليه سبيلاً ، والزكاة تفرض على الأغنياء لتعطى إلى الفقراء والمساكين، وكذلك كل شعائر الإسلام قد تسقط عن المسلم في بعض الحالات، إلا الصلاة ، فإنها لا تسقط أبداً، ويحاسب تارك الصلاة على تركها.
لا عذر لمسلم في ترك الصلاة، فمن لم يقدر على الوقوف في صلاته، يصلي جالسًا، ومن لا يقدر على الجلوس، يصلي على مقعد، ومن لا يستطيع ذلك، يصلي وهو راقد، ولو لم يتمكن فليصلي بأصبعه فقط، وحتى لو عجز عن كل ذلك فليصلي برموش عينيه، ومن كان مسافرًا فليصلي قضاء وليجمع الصلوات ويقصر فيها، حتى في وقت الحرب تكون الصلاة بالتبادل فيما بين المقاتلين، لقوله تعالى: ” وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا”.
توقيت فرض الصلاة
فرضت الصلاة على الرسول، صلى الله عليه وسلم، قبل الهجرة من مكة إلى المدينة المنورة بثلاث سنوات، في حادثة الأسراء والمعراج، وأول ما فرضت الصلاة، فرضها الله خمسين مرة ولكن خففها على عباده لتصبح خمس صلوات فقط، وتكتب في الميزان خمسين، حيث روى البخاري في بَاب (كَيْفَ فُرِضَتْ الصَّلَاةُ فِي الْإِسْرَاءِ؟، حديث أبي ذر وفيه (قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: فَفَرَضَ اللَّهُ عزوجل عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ، قُلْتُ فَرَضَ خَمْسِينَ صَلَاةً، قَالَ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِك،َ فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى قُلْتُ وَضَعَ شَطْرَهَا، فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ، فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُهُ فَقَالَ هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ).
ولما هاجر النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة أقرت صلاة السفر، وروى عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: (فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ).
وبعد الهجرة أصبحت صلاة الظهر أربع ركعات، وصلاة العصر أربع ركعات، بينما صلاة المغرب ثلاث ركعات لأنها وتر النهار، في حين صارت العشاء أربع ركعات، وصلاة الفجر ركعتين لأنه يطول بصلاتها في قراءة القرأن، كَمَا رَوَى اِبْن خُزَيْمَةَ وَابْن حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيق الشَّعْبِيّ عَنْ مَسْرُوق عَنْ عَائِشَة قَالَتْ: (فُرِضَتْ صَلَاة الْحَضَر وَالسَّفَر رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة وَاطْمَأَنَّ، زِيدَ فِي صَلَاة الْحَضَر رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ، وَتُرِكَتْ صَلَاة الْفَجْر لِطُولِ الْقِرَاءَة، وَصَلَاة الْمَغْرِب؛ لِأَنَّهَا وِتْر النَّهَار).
وبَعْد أَنْ اِسْتَقَرَّ فَرْض الرُّبَاعِيَّة خُفِّفَ مِنْهَا فِي السَّفَر لقَوْله تَعَالَى: (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاةِ).