كيف تستمر الصداقة

الصديق هو ذلك الشخص الذي يؤمن بكل ما تفعله في الوقت الذي يتخلى عنك الآخرون بعد أن يصفوك بالجنون، هذا هو الصديق الحقيقي، الذي يقف بجوارك في أصعب مواقف حياتك، بل أنه يشاركك كل اللحظات الجميلة والقاسية، وعلى قدر حبك لصديقك على قدر حزنك وألمك عند حدوث خيانة، أو أن يتخلى عنك في موقف كنت بحاجة إليه فيه.

%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%af%d8%a7%d9%82%d8%a9

الجامعة:

معظم الصداقات التي تتكون لدى الإنسان تتنوع بتنوع معارفه, من العمل أو من الدراسة، أو حتى من أفراد العائلة أو الجيران، ولكن أعظم الصداقات حتى الآن وأبقاهم إلى صداقة الدراسة من المدرسة إلى الجامعة، وفيها يكون الإنسان قليل الخبرة، ولم يجرب مواقف صعبة كثيراً في حياته، لذلك سن النضوج هو في الجامعة، يكون الشخص قد وصل إلى درجة كبيرة من الفهم والوعي حتى يمكنه أن يميز بين الصديق الحقيقي والصديق المزيف، حتى أنه يتعلم كيف يتعامل مع كلاً منهما.

الحياة:

أفضل كثيراً من الجامعة، لأن مجالها أوسع وأكبر وفيها مختلف الأنواع من البشر، وكل نوع له طريقته في التعامل، وهم كُثر، هناك الشخص المتعلم، والجاهل، والعاقل، والمجنون، والأكثر تهوراً، والعصبي، والخبيث، والطيب، والذكي، والمنافق، وغيرهم الكثير، حتى مواقف الحياة، تختلف عن مواقف الدراسة، لأن الحياة تكون قاسية وأكثر خشونة، ويكون الإنسان مر عليه الكثير من الأمور التي تجعل منه إنسان يتجه إلى القسوة، ويبتعد تدريجياً عن طيبة القلب والأخلاق الحسنة.

عيب:

كل إنسان وبه عيب له، الكمال لله وحده، والإنسان كائن له زلاته وأخطاءه، ولكن هناك بعض الأخطاء التي يمكن التعامل معها والتعايش وإن كان مع وجود صعوبة في الأمر، وهناك أخطاء لا يمكن معها استمرار الصداقة مهما كانت الأسباب، من هذه الأسباب إفشاء السر، لا يمكن أن يعيش الإنسان مع صديق ويخبره أسراره وتكون نتيجة ذلك إفشاء تلك الأسرار، لأن هذا الأمر يضع الصداقة في مواقف سيئة، وعندها يفكر الإنسان أكثر في الأمر، هل يكمل الصداقة ويكون أشد حرصاً من أن يخبر صديقه بأسراره، ويكتفي بمشاركته حياته بعيداً عن تلك الأسرار، أم أنه يتحمل ذلك العيب ويحاول عدم التأثر به، أعتقد أنه إذا كان على استعداد على الاستمرار في الصداقة، يجب ألا يخبر صديقه بسره، وإن كانت تلك الحياة غير طبيعي في رأيي، لأن أجمل ما في الصداقة هو التحدث بحرية دون خوف أو خجل أمام الصديق، وإذا فُقدت هذه الصفة ضاع جزء كبير من أهمية الصداقة في حياتنا.

العودة:

دوام الحال من المحال، ينطبق هذا القول على حالات عدم استمرار الصداقة، مهما كانت أسباب الفراق والتي قد يكون معظمها مؤلم للقلب وجارح للنفس، ولكن هل يمكن العودة إلى سابق عهدنا دون النظر إلى الخلف وعدم الاهتمام بمشاعر حزينة عشناها لفترة، ولكنها بالتأكيد تركت بصمة في قلوبنا، تجعلنا نتألم عند تذكرها، المؤلم ليس الحادث بقدر أن من تسبب فيه هو ذلك الصديق الذي كنا نعتقد في يوم ما أنه بمثابة الأمان لنا، حائط الصد ضد كل ما هو سيء أو مؤذي في حياتنا، حتى وإن قررا الطرفان العودة كما كانا، إلا أنهم يمكنهم العودة ولكن يقيناً لن يكون الحال كما كان من قبل حتى وإن أتقنوا الإدعاء بذلك.

من المخطئ:

لا أدري من المخطئ في هذا الفراق، هل الطرف الجارح الذي لم يفكر في مشاعر المجروح، وفعلها وبكل قسوة وجبروت، أم أنه ذلك الطرف المجروح الذي لم يتوقع السوء في تلك العلاقة، أم أنه خياله الواسع صوّر له أن صديق ملاك ولا يمكن أن يفعل ما يغضبه، الغريب والمحير في الأمر أننا نغفر لمن يصدمنا من الغرباء، ومن أول موقف، ولكننا نمتنع عن ذلك التسامح مع أصدقائنا، بالرغم من كل المواقف التي عشناها معاً، والتي تؤكد على كوننا أصدقاء حقيقيين لبعضنا البعض، لماذا لا نغفر ونسامح وننسى تلك الإساءة، ونتذكر فقط ما مر علينا من لحظات سعيدة ومواقف دائمة لا تُنسى؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *