قصة سيدنا يوسف وأخوته وسيدنا يعقوب (الجزء الثاني)

الحقد عمى قلوبهم وعقلهم عن إحكام الحبكة لكذبة
الذئب الذي أكل أخاهم سيدنا يوسف، ويُقال إنهم لم يمزقوا القميص نتيجة افتراس الذئب له بعنف، فبطبيعة الحال، لم يصدقهم سيدنا يوسف الحكيم. أخذ القميص ووضعه على وجهه وشرع في بكاء شديد، وقال لهم إن النفس أمارة بالسوء، وهي من حللت لهم فعل وارتكاب الحرام وزينته لهم، فاستعان النبي يعقوب بربه ليلهمه الصبر على فقد أبنه الحبيب سيدنا يوسف .. في قوله تعالي : ” قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ “(آية 18 : سورة يوسف(

سيدنا يوسف، كان منتظر داخل بئر الماء كما وضعوه، ثم مرت عليه قافلة كبيرة متجهة إلى مصر، ألقوا الدلو داخل البئر لإحضار الماء منه، تمسك سيدنا يوسف بالحبل و الدلو جيدا فسحبوه من البئر، حينما وجدوه زهدوا فيه لسنه الصغير وعدم قدرته على حمل من مشاق الحياة و حمل تربيته ومسؤوليته. فأخذوه كعبد لحين الوصول إلى مصر، لبيعه بغرض كسب مبلغ زهيد من المال.

الرجل الذي اشتراه يبدو كرجل ذو شأن كبير، أغلب الظن إنه وزير من وزراء مصر. ذكر في القرآن ” العزيز ” كما زرع رب العالمين و مقلب القلوب بين أصبعين كيفما شاء محبة سيدنا يوسف في قلب عزيز مصر، فأراد أخذه كابن له وليس كعبد، و قال لزوجته عسى أن يصبح سند لنا عند الكبر، ونزهه الله عن منزلة العبودية وجعله من المُكرمين.

قصة سيدنا يوسف وأخوته وسيدنا يعقوب (الجزء الثاني)

قصة سيدنا يوسف وأخوته وسيدنا يعقوب (الجزء الثاني)

وكان الابتلاء الثاني من حياة سيدنا يوسف، ولكن هذه المرة كان أصعب، زوجة عزيز مصر الذي أكرمه ورباه عنده طوال هذه السنين، عجبها جمال شكل و خلق سيدنا يوسف، وكمال إنسانيته، أرادت فتنه بجمالها وأنوثتها.

وذات مرة أغلقت الأبواب وقالت له .. في قوله تعالي : ” هيت لك ” ..

رد عليها سيدنا يوسف و قال لها إنني أستعيذ بالله من خيانة الرجل الذي أكرمني و أحسن إلي و رباني منذ سنين و أنجاني من منزلة العبودية إلى منزلة الابن فاقترب منه أكثر لإغرائه .. في قوله تعالي : ” وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ”..  (آية 24 : سورة يوسف(

اتفق المفسرون على إنها همّت بالمعصية، واختلفوا على سيدنا يوسف بما هـمّ ؟

  • في أقاويل تُفيد إن ما منعه كان ظهور سيدنا يعقوب أو جبريل ــ عليه السلام ــ قدامه، فافتكر ربنا وفاق وابتعد .. (ولكن هذه إسرائيليات بعيدة عن الصواب وتهمة تلفيق)
  • قيل إنه همّ بها أي حاول يضربها
  • وقيل إنه همّ بالمعصية ولكن لم يفعلها، همّ بالمعصية لأنه راجل مكتمل الرجولة، لكنه لم يفعلها لأنه رأي ربه أمام ناظريه
    التفسيرين الأكثر منطقية، لأن ربنا قال لإبليس : ” إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ” ..

وإبليس نفسه معترف : ” إلا عبادك منهم المخلَصين ” .. وسيدنا يوسف كان من المخلصين

..
في قوله تعالي : ” كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ” .. (آية 24 : سورة يوسف)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *