العصر الجاهلي تحيد مصطلح العصر الجاهلي

إن مصطلح الجاهلية, حقبة جاهلية اصطلح مؤرخوا العرب على تسميتها بعصر الجاهلية, أو بالعصر الجاهلي, استنادا إلى كلمة جاهلية التي ورد ذكرها في القرءان الكريم, بمعنى: الحقبة من الزمن السابقة على الإسلام.

فالمصطلح إذن ارتبط ببيئة عربية قديمة موهلة في القدم… نجهل بدايتها التاريخية, ومن ثم, فليس العصر الجاهلي, هو كل ما سبق الإسلام من زمن ممتد يطلق عليه الجاهلية, البعيدة, وهي الجاهلية التي ولد فيها إبراهيم عليه السلام… وإنما الجاهلية القريبة, التي ولد فيها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم…. التي لا تعدوا أن تكون قرنا ونصف القرن من الزمن, قبل البعثة النبوية وهو ما أشار إليه الجاحظ في نصه المشهور:” وأما الشعر فحديث الميلاد, صغير السن… أول من نهج سبيله وسهل الطريق إليه, امرؤ القيس بن حجر, ومهلهل بن ربيعة, فإذا استظهرنا الشعر إلى أن جاء الله بالإسلام, خمسين و مائة, وإذا استظهرنا بغاية الاستظهار فمائتي عام”

وهو أمر مقبول لأن ما قبل هذا التاريخ لم يصل إلينا موثقا.

والملاحظ أن هذا المصطلح قد اضطرب في كثير من كتابات الدارسين, حتى أخذوا يسبغون عليه ما ليس له, ومن ثم غدت صورة الجاهلية في الأذهان صفة للجهر والجور والبدائية والأمية…

فالجاهلية اسم أطلقة القرءان الكريم, على العصر الذي سبق الإسلام لأن العرب في تلك الحقبة كانوا أهل جاهلية يعبد بعضهم الأصنام ويتنازعون فيما بينهم ويثأرون بعضهم من بعض ويئدون البنات و أحيانا أولادهم… وكانوا يشربون الخمر, ويجتمعون على الميسر, وقد سعى المتعصبون من المسلمين وغير المسلمين إلى ذمها وإطلاق شتى النعوت التي يراد من وراءها الانتقاص من أمر ذلك العصر, والتقليل من شأنه, حتى يخيل للناظر في أقوالهم إن الباطل كان سمة العصر والضلال طابعه العام فقالوا:” إنه الزمن الذي كثر فيه الجهال وإنه العهد الذي لا علم فيه”.

لكن واقع العرب قبل الإسلام, يغاير ما ذهب إليه أولئك الباحثون لأن من كانت صفاتهم صفات العرب قبل الإسلام, لا يصح أن يكونوا أبناء جاهلية, جهلاء, ولا سيما أن لهم تلك الحضارة العريقة التي حذقوا فيها علوم التاريخ, والأنساب وتعبير الرؤيا, والأنواع… فضلا عن ذلك, الفن القوي المتمثل للشعر بأنواعه من خطابة وأمثال ورسائل وحكم وغيرها…

و من ثم فإن مصطلح الجاهلية الذي اقترن بهذا العصر, قد اتخذ معنيين اثنين:

الأول: عدم معرفتهم بتعاليم الدين الإسلامي, إذ لم يكن لهم ناموس وازع ولا نبي ملهم ولا كتاب منزل أي هو جهل بالإسلام.

الثاني: الجهل, بمعنى السفه والطيش والغضب, أي الحال الخلقية التي كانت مهيمنة على نفوس العرب, وهي:

الغلو في تقدير الأمور: كقول عنترة بن شداد:

وإذا بليت بظالم كن ظالما          وإذا لقيت ذوي الجهالة فاجهل

ومن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طر الغفاري بعد أن سمعه يعير رجلا بأمه:” إنك امرؤ فيك جاهلية” أي فيك روح الجاهلية وطيشها.

وفي القرءان الكريم, وردت هذه اللفظة في آيات عدة, كما في قوله تعالى: “قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين” ” وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما” وغيرها من الآيات التي تضمنت لفظة الجهل ومشتقاتها, وكلها تصب في دائرة الغطرسة, والتفاهة في القول والفعل, وعلى العموم, فإن الجهل الذي وصف به القرءان الكريم العرب, قبل الإسلام, ليس من الجهل بمعنى ضد العلم, وإنما هو وصف عارض لبعض الحالات والواقف في ظروف معينة, قد تغيرت بعد مجيء الإسلام… فهي ليست حالة ثابتة عند العرب.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *