ابن خلدون وعلم الاجتماع

 بن خلدون مؤسس علم الاجتماع:

على الرغم من أن التفكير الاجتماعي قديم قدم الإنسان نفسه, إلا أن الاجتماع الإنساني لم يصبح موضوعًا لعلم إلا في فترة لاحقة، وكان أول من نبه إلى وجود هذا العلم واستقلال موضوعه عن غيره, ووضع أسسه وابتكره هو العالم المسلم ابن خلدون.

فقد صرح في عبارات واضحة أنه اكتشف علمًا مستقلًّا لم يتكلم فيه السابقون؛ إذ يقول: “وكأن هذا علم مستقل بنفسه، فإنه ذو موضوع، وهو العمران البشري والاجتماع الإنساني، وذو مسائل، وهي بيان ما يلحقه من العوارض والأحوال لذاته واحدة بعد أخرى، وهذا شأن كل علم من العلوم, وضعيًّا كان أو عقليًّا”.

-إن مقدمته شملت على أقل تقدير سبعة من فروع علم الاجتماع المعاصر, ناقشها ابن خلدون في وضوح تام.

-ابن خلدون يمثل نقطة تحول في كتابة التاريخ الإنساني وفي تأسيسه لعلم الاجتماع، فقد هز الفكر الإنساني العالمي بذلك؛ إذ وضع خطة جديدة وآراء جديدة، بل وضع قوانين جديدة يمكن تطبيقها، وتنسحب على كل المجتمعات البشرية

– درس ابن خلدون الاجتماع الديني والقانوني رابطًا بين السياسة والأخلاق، والحقيقة الظاهرة أن أحدًا قبل ابن خلدون لم يعرض لدراسة الظواهر الاجتماعية دراسة تحليلية.

-سعى ابن خلدون دائمًا من أجل الاطلاع والمعرفة؛ فكان مطلعًا على آراء العلماء السابقين، فعمل على تحليل الآراء المختلفة ودراستها،.

-وقد شغل ابن خلدون عددًا من المهام أثناء حياته، فتنقل بين عدد من المهام الإدارية والسياسية، وشارك في عدد من الثورات؛ فنجح في بعضها وأخفق في الآخر, مما ترتب عليه تعرضه للسجن والإبعاد..

 (مقدمة ابن خلدون):

بسط ابن خلدون في (المقدمة) كل ما لديه من علم ومعرفة؛ فجاءت شيئًا ثمينًا، بل متقدمة جدًّا على العصر الذي كتبت فيه، وهي تحتوي على ستة فصول:

الأول: في العمران البشري وهي تقابل علم الاجتماع العام، وقد درس ابن خلدون ظواهر المجتمع البشري، والقواعد التي تسير عليها المجتمعات.

الثاني: في العمران البدوي، وقد درس الاجتماع البدوي كاشفًا أهم خصائصه المميزة، وأنه أصل الاجتماع الحضاري وسابق عليه.

اشتمل الفصل الثالث على الدولة، والخلافة، والملك، وهو يقابل علم الاجتماع السياسي، وقد أرسى قواعد الحكم والنظم الدينية وغيرها.

الرابع: في العمران الحضري، وهو ما يقابل علم الاجتماع الحضري، وقد شرح جميع الظواهر المتصلة بالحضر، وأصول المدنية، وأن التحضر هو غاية التمدن.

الخامس: في الصنائع، والمعاش والكسب، وهو ما يقابل علم الاجتماع الاقتصادي، وقد درس تأثير الظروف الاقتصادية على أحوال المجتمع.

السادس: في العلوم واكتسابها، وهو ما يقابل علم الاجتماع التربوي، وقد درس الظواهر التربوية وطرق التعلم وتصنيف العلوم.

وعليه، فإن ما توصل إليه ابن خلدون من النظريات يظل عملًا رائدًا في ميدان الدراسات الاجتماعية, وفي مسيرة الفكر الإنساني.

ونجد أن ابن خلدون قد تمتع بمكانة علمية عالية, سواء على المستوى العربي أو العالمي، فقد قال عنه المؤرخ الإنجليزي توينبي: “في المقدمة التي كتبها ابن خلدون في تاريخه العام, أدرك وتصور وأنشأ فلسفة التاريخ، وهي بلا شك أعظم عمل من نوعه, خلق -أي: عقل- في أي زمان”.

وكان لابن خلدون فلسفته الخاصة، والتي بني عليها بعد ذلك أفكاره ونظرياته في علم الاجتماع والتاريخ؛ حيث عمل على التجديد في طريقة عرضهم، فقد كان رواة التاريخ من قبل ابن خلدون يقومون بخلط الخرافات بالأحداث، هذا بالإضافة لتفسيرهم التاريخ استنادًا إلى التنجيم والوثنيات فجاء ابن خلدون ليحدد التاريخ بأنه في ظاهره لا يزيد على أخبار عن الأيام والدول، وفي باطنه نظر وتحقيق وتعيين للكائنات ومبادئه.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *