هل تعلم ما هو مفهوم التسامح أو تعريف التسامح الحقيقي؟

مما لا شك فيه أن هناك الكثير من الأخلاق، والصفات الحميدة التي ينبغي أن يتحلى بها الإنسان لكي يصبح فردًا صالحًا في المجتمع، وإذا كان الفرد لا يتمتع ببعض من هذه الصفات إن لم يكن جميعها يصبح منبوذًا في المجتمع، فضلاً عن أن اتصاف الإنسان بالأخلاق، والصفات الفاسدة سيوقعه حتمًا في أن يحل عليه غضب من الله، وهذا شيء لا يتمناه أي إنسان بالتأكيد.

ومن هذه الصفات والأخلاق الحميدة التسامح، ويعد خلق التسامح من أسمى ما يمكن أن يتصف به أي إنسان، حيث أن الإنسان المتسامح يكون أكثر قربًا من الآخرين، وكونه شخص متسامح فهو بالتأكيد سيكون محبوبًا ومميزًا وسط جموع الناس، فضلاً عن استمتاعه هو شخصيًا بهذا الخلق الرفيع حيث أن الشخص المتسامح يكون أكثر صفاء، وشفافية واتزانًا نفسيًا.

مفهوم التسامح

ولكن هل تعرف ما هو مفهوم التسامح الحقيقي؟ وعلى أية حال إذا كانت إجابتك بالإيجاب أو بالنفي فعليك أن تقرأ هذه السطور لتتعرف أكثر عن تعريف التسامح:

مفهوم التسامح من منظور الدين:

خُلق التسامح من الأخلاق التي أمرنا الله سبحانه وتعالى والنبي الكريم بها، فإن الإنسان المتسامح تكون لديه القدرة على العفو في بعض المواقف التي يكون بها أخطاء من قبل الآخرين، وهذا شيء لا يستطيع الكثيرين فعله، حيث أن معظم الناس يركزون على أخطاء الآخرين ولا يلتمسون لهم الأعذار في بعض المواقف، مما يؤدي بالتأكيد إلى أن هذا الإنسان سيصبح كارهًا حقودًا ولا يتمتع بالراحة النفسية التي يتمتع بها الشخص المتسامح.

تعريف التسامح في الدين

ولهذا فقد نهانا الله عز وجل عن الشحناء والبغضاء والحقد والكره، وأمرنا بالتسامح والحب، حيث أن الحياة بالغة القصر ولا تستدعي أبدًا أن تمر وهناك ذرة من الحقد أو الكره في قلب أي إنسان، لأن ذلك سينتهي بالشخص حتمًا إلى عدم إرضاء الله عز وجل عنه.

وهناك الكثير من الآيات والأحاديث التي تحث الإنسان على التحلي بخلق التسامح، ومعرفة مفهوم التسامح الحقيقي، والتمسك بطهارة القلوب ونزع أي كراهية منه، ولا يقتصر تعريف التسامح على الدين الإسلامي وفقط، ولكن جميع الديانات السماوية تحث أيضًا على المسامحة والحب ونبذ الحقد والكراهية من القلوب.

مفهوم التسامح من منظور مجتمعي:

إن الإنسان المتسامح غالبًا ما يكون عادلًا وغير ظالم، حيث أن الإنسان غير المتسامح سيكون دائمًا في شك بأن الآخرين قد جانبهم الصواب في مواقفهم تجاهه، مما سيوقعه في الظلم، وعدم العدل في الحكم على تصرفات الآخرين، ويمكن أيضًا أن يدفعه إلى الانتقام بشكل أو بآخر من هؤلاء الأشخاص مما قد يوقعه في الوقوع بارتكاب الجرائم كالقتل مثلًا مما سيجعله منبوذاً من المجتمع وفرد غير صالح، ويجب استبعاده منه.

التسامح من وجهة نظر مجتمعية

تعريف التسامح من منظور عائلي:

والمنظور العائلي هنا هو صلة الرحم حيث أن عدم التسامح بين العائلات قد يؤدي في الكثير من الأحيان إلى القطيعة بينهم، فهناك الكثير من الأخوة والأقارب لا توجد أي صلة بينهم بسبب موضوعات كثيرة عائلية واختلاف وجهات النظر وعدم التسامح والتشبث بالأفكار.

مما يؤدي في النهاية إلى قطع صلة الرحم التي أمر الله بوصلها، وقد يصل الأمر أحيانًا إلى قتل الأخ لأخيه بسبب الكراهية وعدم التسامح وتمني الضرر له، وبالتأكيد فإن هذا الأمر عظيم عند الله سبحانه وتعالى حيث أن صلة الرحم هي أكثر ما وصانا الله ورسوله بوصلها مهما كان السبب أو الموقف، والتماس العذر مهما أخطأ الأهل في حق بعضهم البعض، فلا يجب أن يصل الأمر في النهاية إلى قطيعة رحم أو الانتقام والأخذ بالثأر أبدًا.

التسامح العائلي

هل هناك علاقة بين مفهوم التسامح والاحترام؟

بالتأكيد إن الاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع سيؤدي حتمًا إلى التسامح، فلا يمكن أن يكون هناك تسامح بدون احترام، وذلك لأن احترام الفرد لغيره يؤكد على أن كافة الأخطاء تقبل التسامح مهما وصلت درجتها وحدتها، ولذلك وجب على كل فرد في المجتمع أن يُكن الاحترام للآخرين حتى يعرف مفهوم التسامح الحقيقي.

التسامح والاحترام

هل توجد ثمة علاقة بين تعريف التسامح والسعادة؟

قد لا يعرف البعض أن معنى التسامح هو التساهل، والعفو والشعور بالعطف والرحمة والحنان، وبالتأكيد إذا كان الإنسان متسامحًا مع الغير سيكون متساهلًا وعطوفًا ورحيم وحنون، وبهذا يكون قد امتلك جزء كبير من السعادة.

فتسامحك مع الجميع سواء كانوا أبنائك أو أخوتك أو أقربائك سيعود عليك وعليهم بالسعادة الكبيرة، ولا تعتقد أن هذا أمرًا يسيرًا أو سهل الوصول إليه حيث أن التحلي بالتسامح ليس بالسهولة التي يتوقعها البعض فهي تحتاج لصفاء ونقاء القلب وحب الناس وقبل كل ذلك حب الخالق والقرب منه حتى تحظي بحب الله ومغفرته وتسامحه وتجاوزه عن أخطائك سواء كانت متعمدة أو عن غير عمد.

وبالتسامح تستطيع أن تفتح قلبك للآخرين، ولا يكون هناك مجال للشعور بالغضب، وبالتأكيد لا نستطيع أن ننكر حقيقة أن كل إنسان يخطئ، ولا بأس من ذلك، ولكن طلب السماح والمغفرة من الله دائمًا أمر يجعل القلب متسامحًا مع الآخرين حيث أن الخالق يسامح، ويغفر فما بالك بإنسان مخلوق ضعيف لا يملك من أمره شيئًا.

التسامح والسعادة

مفهوم التسامح من منظور سياسي وفكري:

إن جزء كبير من السياسة يتعلق بالتسامح ونبذ العنف والأفكار الهدّامة، والبعد عن التعصب للأفكار أو المعتقدات، والرقي في المبادئ والأخلاق يؤدي بالتأكيد إلى التحضر والمدنية، والبعد عن فكرة الاضطهاد والتعصب التي قد تمارسها بعض الحكومات تجاه مجموعات من البشر، سواء هذا الاضطهاد لأفكار بعينها أو لمعتقدات دينية أو غيرها، وهذا ما كان يحدث في السابق في العصور الوسطى حيث كان سائدًا فكر التعصب العرقي أو الديني، ويحدث اضطهاد للأقليات مما قد يؤدي ببعض الحكومات إلى إبادة هذه الجماعات كشكل من أشكال العنصرية والاضطهاد وعدم التسامح.

ولكن مع ظهور فكرة التسامح مع الأقليات جعلت الكثير من المجتمعات تعيش في سلام مع بعضها البعض، والبعد عن الاضطهاد بكافة أشكاله وممارساته، وهنا تظهر أهمية تعريف التسامح الحقيقي سياسيًا وفكريًا.

التسامح وعلاقته بالسياسة

هل التسامح يقلل من حدوث مشكلات بين أفراد المجتمع الواحد؟

مما لا يدع مجالًا للشك أن التسامح سيقلل بالتأكيد الكثير من المشكلات في المجتمع حيث أن معظم المشكلات التي تحدث بين أفراد المجتمع بعضهم وبعض سواء كانوا أقارب أو جيران أو معارف هي بسبب سوء الظن، وعدم التقدير الحقيقي للمواقف، وعدم التماس العذر فيها.

التسامح بين أفراد الوطن

وهنا تحدث الكثير من المشكلات التي قد تدمر الكثير من الأفراد والمجتمعات، ولكن بالتسامح وحسن التقدير والعفو ستمر هذه المشكلات بسلام أو على الأقل تقل حدتها ونتائجها الغير محمودة.

وفي النهاية نريد أن نؤكد على أهمية التسامح، ومدى تأثيره على حياة الأفراد، والمجتمعات فالفرد الذي يمتلئ قلبه بالأحقاد سيكون عضوًا فاسدًا في المجتمع، وسيجلب الكثير من المشاكل سواء كان لنفسه أو لغيره، بينما الفرد الذي يمتلئ قلبه بالتسامح والحب فهو بالتأكيد فرد مرغوب فيه في المجتمع ومحبوب من الجميع، وأهم من كل ذلك هو رضاء الله عز وجل عنه وهذا هو الهدف الحقيقي لكل إنسان.

 

التعليقات (0)
اضف تعليق